بفضل جهود مكتب محاماة بباريس، قام جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، بإدراج نقطة تتعلق “عدم احترام تونس لحقوق الإنسان” على جدول أعمال مناقشات الاتحاد الأوروبي المقررة في 24 جوان/ يونيو في لوكسمبورغ. أولئك الذين اعتقدوا أن حملة الانتخابات الأوروبية في جويلية/ يونيو 2024 ستشهد تباطؤًا في نشاط الاتحاد الأوروبي أو أن تونس ستحظى برضا أوروبا عبر تكثيف جهودها في مكافحة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط قد أخطأوا. فالمسألة لم تُهمل بل على العكس، فقد أدرج بوريل في اللحظة الأخيرة مناقشة حول وضع حقوق الإنسان في تونس على جدول أعمال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المقرر هذا الشهر.
تأتي هذه المناقشة بعد رسالة من مكتب المحاماة ويليام بوردون وشركاءه، الممثل عن عدة منظمات غير حكومية (لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، اتحاد التونسيين للمواطنة على الضفتين، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، يوروميد)، التي أبرزت تدهور حالة الحريات العامة في تونس منذ 25 جويلية/ يوليو 2021، وهو تاريخ استحواذ الرئيس قيس سعيد على كل السلطات. تضمن النص بالتفصيل مختلف الانتهاكات مثل إساءة معاملة المهاجرين والتعدي على حرية التعبير، والعوائق أمام الوصول إلى محاكمات عادلة.
وقد أرفق المكتب بالرسالة الاتفاقات الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وتونس، ولا سيما مذكرة التفاهم حول شراكة استراتيجية وشاملة (جويلية 2023)، التي تعد بمثابة اتفاق دولي.
تحرك مكتب بوردون أتاح لبوريل إعادة تركيز النقاش على مسألة كان يهتم بها شخصيًا منذ عدة أشهر، لا سيما بعد أن بدا أن صوته كان معزولًا ولم يلق إنذاره اهتمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. هذه المرة، سيتعين على هذه الدول الاستماع إلى عرض شامل ومفصل حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في ظل رئاسة قيس سعيد.
الحوادث بين تونس وأوروبا
بالنسبة للمحامي فنسنت برينغارث، المسؤول عن هذا الملف، فإن انتهاء ولاية البرلمان الأوروبي لا يمنع استمرارية المؤسسات، التي تسمح بدورها بمراجعة الوضع المقلق في تونس. خلال الأشهر الأخيرة، اعتبرت تونس المخاوف التي أعربت عنها الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي تدخلاً في شؤونها الداخلية وانتهاكًا لسيادتها، خاصة في ماي/ مايو 2024 عندما شن النظام موجة جديدة من الاعتقالات طالت محامين وصحفيين وغيرهم من الشخصيات والنشطاء.
هذا التعنت والهروب الى الأمام ليس جديدا. في سبتمبر 2023، رفضت تونس زيارة وفد من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين كانوا يرغبون في لقاء شخصيات من النقابات والمعارضة. وقد طغى دخول مذكرة التفاهم حيز التنفيذ سريعًا على هذا الحادث. منذ ذلك الحين، تغير الوضع فالشروط التي تحتويها مذكرة التفاهم تقلل من هامش مناورة السلطات التونسية، ومع ذلك، ليست هذه الاستراتيجية التي اتبعها المحامون في تناول الموضوع الذي سيناقش في لوكسمبورغ.
بالنسبة لفنسنت برينغارث، فإن النهج القانوني الدولي هو السبيل لإعادة توجيه الموضوع، مشيرًا إلى إجراءات محكمة العدل الدولية بخصوص أحداث غزة التي قد تُعتبر إبادة جماعية.
العقوبات المقترحة
يدعو المحامون إلى فرض عقوبات استثنائية على المسؤولين التونسيين الذين ينتهكون سيادة القانون، تشمل تجميد الأصول وحظر السفر على الأشخاص والاجهزة المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مثل الرئيس قيس سعيد، ووزير الداخلية السابق كمال الفقي، وخليفته خالد النوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، وكل مسؤول من القوات المسلحة أو موظف حكومي رفيع أو قاضٍ أو نائب متورط في هذه الانتهاكات.
تبني هذه الإجراءات سيضع حدًا للإفلات من العقاب وسيصاحبها حظر توفير الأموال لهؤلاء الأشخاص، ومنع بيع أو توفير أو نقل أو تصدير المعدات أو المساعدة التقنية التي يمكن استخدامها لأغراض القمع الداخلي. أما العقوبة النهائية فتتمثل: في تعليق التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لتونس لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
استراتيجية جورجيا ميلوني
تطبيق هذه الإجراءات سيكون تحديًا كبيرًا للاتحاد الأوروبي نظرًا لتمتع النظام التونسي بحماية من قبل جورجيا ميلوني، رئيسة المجلس الإيطالي، التي تجعل من تونس ميدانًا لتجاربها وخططها في تنفيذ في استراتيجية الهجرة او ما يُعرف بخطة ماتي. ومع ذلك، يخلق تحرك مكتب بوردون سابقة تجبر الأوروبيين على التخلي عن تسامحهم مع الأنظمة الاستبدادية في جنوب البحر الأبيض المتوسط. كما أن المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان لا تقع فقط على الديكتاتوريين ولكن أيضًا على من يمكّنهم من ممارسة طغيانهم، بحسب فنسنت برينغارث، الذي أعلن عن مبادرات أخرى لجعل الاتحاد الأوروبي يتخذ موقفًا أكثر صرامة تجاه نظام تونس.