خاص – كيف تستخدم الطائرات العسكرية الروسية مطار جربة (جزيرة جنوب البلاد)؟
منذ أسبوعين، نقلت الصحافة الإيطالية “المخاوف الأمريكية” بشأن وجود رحلات منتظمة للطائرات الروسية الى الجزيرة التونسية جربة.
نُشر المقال على موقع الجريدة الإيطالية الكبرى “لا ريبوبليكا” منتصف شهر ماي/ مايو الجاري تحت عنوان “الطائرات العسكرية الروسية في تونس، الولايات المتحدة تحذر: موسكو تتمدد وتتوغل” ويسلط المقال نفسه الضوء على الرحلات المنتظمة للطائرات العسكرية الروسية الى تونس، وهو ما لم تعلن عنه أو تؤكده أي سلطة تونسية علنًا.
وما أن أُثير الموضوع حتى بدأت التكهنات والتحاليل تتوارد، وأكد أغلبها أن “الطائرات الروسية” تابعة لمجموعة فاغنر (شبه عسكرية). ويستشهد مراسل الصحيفة بممثل عن وزارة الخارجية الأمريكية الذي عبّر عن مخاوف إدارته بشأن تحركات وحضور الروس في تونس حيث يقول في تصريح خاص: “ما زلنا نشعر بالقلق إزاء أنشطة فاغنر، وكذلك الأنشطة المدعومة من روسيا في القارة الأفريقية، والتي تغذي الصراعات وتعزز الهجرة غير النظامية، بما في ذلك نحو تونس”. يتابع المقال مشيرًا إلى أنه تم تفريغ معدات في جربة وأن هناك أشخاصًا موجودون هناك.
تنتشر هذه “المعلومات” في البلاد منذ أسابيع على شكل تكهنات، وقد تعاظمات خاصة منذ نهاية مارس عندما تم إغلاق نقطة العبور الحدودية الرئيسية بين ليبيا وتونس، رأس جدير.
من ناحية أخرى، تشير الدبلوماسية الإيطالية، التي تراقب عن كثب الوضع في تونس، إلى “مخاوف من وجود “قوات فاغنر” في المنطقة مما يسهل عملية الهجرة إلى الحدود التونسية.
ومن يعرف جربة ومطارها، يعلم أنه إذا كانت هناك تحركات غير عادية في الموقع المفتوح تمامًا، فلن تفوت السكان المحليين. يقول الباحث والمتخصص في ليبيا، جلال حرشاوي: “الطائرات الروسية تتزود بالوقود في جربة منذ شهور، لكن لم يتم نشر أي عسكري روسي على الأراضي التونسية”.
ماهو الموضوع الذي نوقش بين جورجيا ميلوني وجو بايدن؟
يشير بعض المتخصصين في القضايا الدفاعية إلى أن نشر هذه المعلومات يثير الدهشة، خاصةً أنها تتزامن مع بدء تمرين الأسد الأفريقي 2024 (AL24) العسكري متعدد الجنسيات، الذي يُجرى تحت رعاية القيادة الأمريكية لأفريقيا (US Africom) في الفترة من 19 إلى 31 ماي/ مايو في غانا، المغرب، السنغال، وتونس. يعتبر هؤلاء المراقبون أنه من الصعب تصور وجود قوات روسية في جربة بينما تنتشر الوحدات الأمريكية وحلفاؤها على بعد بضعة كيلومترات.
نعلم أيضًا أن مسألة الوجود الروسي المحتمل في تونس قد نوقشت من قبل رئيسة المجلس الإيطالي، جورجيا ميلوني، خلال زيارتها الرسمية للبيت الأبيض في 1 مارس الماضي. حاولت ميلوني إقناع جو بايدن بأنه إذا لم يكن صندوق النقد الدولي أكثر تسامحًا مع تونس ولم يقرر منحها القروض المطلوبة، فقد تقع تحت النفوذ الروسي. منذ ذلك الحين، تحاول أجهزة الاستخبارات الإيطالية تأكيد هذه التحركات المزعومة للطائرات الروسية في جربة، لكنها تبدو تواجه صعوبة في ذلك.
تؤكد بعض المصادر أن الأمر يتعلق بنقل أشخاص وصناديق من الفودكا لصالح العسكريين الروس الذين يقضون إجازتهم في الجزيرة التونسية. هناك فرضية أخرى، وهي الأكثر انتشارا، تقول إن بعض الطائرات تنقل مرشحين للهجرة لإغراق نقاط العبور إلى تونس ووضعها في موقف صعب في محاولة للضغط على أوروبا وتصدير اكبر عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء. وتنتشر كل هذه الروايات وسط حقيقة واحدة مؤكدة:وهي تواجد فعلي ومكثف لمقاتلي فاغنر الروس في ليبيا المجاورة، الى جانب تنقل بعض الطائرات من حين لآخر الى مطار جربة.