Search
Close this search box.
000_33B94GM

تونس: “لجنة العدالة” ترفض “انتقائية” أمر العفو الصادر عن الرئيس “سعيد” وتطالب بتعديله وإلغاء المرسوم 54 قبيل انتخابات الرئاسة

شارك هذا المقال

قالت “لجنة العدالة” إن العالم يشهد تلاعب والتفاف الأنظمة الاستبدادية على نصوص القوانين والدساتير بهدف ترسيخ القمع وتعزيز سيطرتها على الشعوب؛ حيث تلجأ تلك الأنظمة إلى استخدام “البروباجندا” كأداة لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، مدعية أنها تلتزم بالقوانين وتحترم حقوق الإنسان، في محاولة منها لخلق صورة زائفة عن مدى الشرعية والديمقراطية التي تتحلى بها، ودون إجراء أي تغييرات حقيقية تضمن العدالة والحرية لمواطنيها.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان الرئاسة التونسية، في 23 يوليو/ تموز 2024، توقيع رئيس الجمهورية، قيس بن سعيد، أمرًا يتعلق بمنح “عفو رئاسي خاص يقضي بإسقاط العقاب عن عدد من المحكوم عليهم ممن ارتكبوا جرائم تتعلق بنشر تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي”، ما يفضي إلى إسقاط العقاب عن 233 سجينًا ارتكبوا جرائم تتعلق بالنشر.

وجاء في الإعلان أيضًا أنه “لم يستثن من هذا العفو سوى من تمّ الحكم عليهم- لا على أساس التدوينات التي تمّ نشرها؛ ولكن بناءً على جرائم أخرى تمت إثارة التتبعات ضد مرتكبيها-، إمّا من قبل النيابة العمومية وإما بناءً على دعاوى رفعها متقاضون تتصل بغيرها من الأفعال التي يجرّمها القانون”.

فيما ذكرت وزارة العدل التونسية، في إعلان لها كذلك، أنه “تبعًا لما أصدره الرئيس من أوامر تقضي بإسقاط العقاب أو الحط منه بالنسبة إلى 1727 محكومًا عليهم، تولت وزيرة العدل، إصدار القرارات المتعلقة بالسراح الشرطي”، مشيرة إلى أنّ قرار العفو الخاص والسراح الشرطي ذلك يشمل 2956 محكومًا عليهم ممن توافرت فيهم الشروط القانونية، مما يفضي إلى الإفراج عن 1462 سجينًا، فيما تتمتع البقية بالحط من مدة العقوبة المحكوم بها.

وترافق إصدار أمر العفو ذلك مع وجود حالة من “الامتعاض” داخل المجتمع السياسي والحقوقي التونسي؛ اعتراضًا على صياغة الأمر، التي أفقدته الكثير من فعاليته، وحصرت تنفيذه على عدد محدود من المحكوم عليهم في قضايا نشر.

فعبر نقيب الصحفيين التونسيين، زياد دبار، خلال لقاء تضامني مع الصحفيين المسجونين، عن استيائه من “استمرار زجّ الصحفيين في السجون بسبب التعبير عن آرائهم وأدائهم لمهامهم”، مقللاً من فاعلية أمر العفو، قائلاً: “لا ندري ما إذا كان منوبينا قد استفادوا من العفو الذي شمل مساجين بسبب تدويناتهم أم لا، الوضع الصحفي غير مسبوق خاصة بعد صدور أحكام غيابية ضد الصحفيين لم يتم استدعاؤهم للتحقيق يومًا وظلوا دون محاكمة عادلة”.

فيما استغرب القاض التونسي السابق والمحام وأستاذ القانون، عمر السيفاوي، الاستثناء الوارد في نص أمر العفو، أي ما يتعلق باستثناء المسجونين الذين لديهم تهم وقضايا أخرى بالإضافة إلى التهم المتعلقة بالتدوينات، واعتبر أن هذا الاستثناء هو من قبيل “التزيّد”- أي المبالغة القانونية-؛ لأن من لديه تهم أخرى من الطبيعي ألا يكون مشمولاً بالعفو.

وهو ما أكده العديد من القانونيين التونسيين، حيث رأوا أنه من غير الممكن تنفيذ هذا العفو إلا في حالة أن يكون الحكم الصادر باتًا، وأن تلك الاستثناءات في صياغته جعلته انتقائيًا ومسيسًا، وفرغته من مضمونه، حيث ورد في بيان وزارة العدل التونسية أن عدد من يشملهم الأمر كمدونين بلغ 1700 سجين، وبعد البحث وصل الإفراج عن 233 فقط؛ ما يعني أن البقية مدونون ملتصق بهم اتهامات أخرى ولا يسري أمر العفو عليهم.

من ناحيتها، ترى “لجنة العدالة” أن أمر العفو هذا “منقوص وفاقد للأهمية”، في ظل الاستثناءات التي احتوته صياغته، وأنه يأتي فقط في إطار حملة لتحسين صورة الرئيس “سعيد” ونظامه قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في أكتوبر/ تشرين الأول القادم، ولا يعبر عن انفراجة حقيقية لأزمة التعبير والحريات التي تعصف بالبلاد منذ إجراءات “سعيّد” الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021، التي تصفها المعارضة بالانقلاب على الدستور والبرلمان الشرعي.

كما تعتبر اللجنة أن أمر العفو ركز على المدونين تحديدًا ضمن أنواع أخرى من الجرائم، والإقرار الضمني بالاستثناء الذي يمثله تجريم حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أنّه كان لا بدّ من أن يشمل العفو كلّ من حوكم في قضايا رأي في تونس.

ورأت اللجنة أن الأمر الوحيد النافع من أمر العفو هو أنه اعترفًا ضمنيًا بوجود “محتجزي رأي” في تونس، في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس “سعيد” في كل المناسبات والمحافل أن الحريات مكفولة ومحمية بالدستور، ولا مجال لسجن أي مواطن من أجل رأيه أو فكره؛ وهو عكس الواقع الذي يؤكده أمر العفو ذلك.

وتشدد “لجنة العدالة” كذلك على أنه كان من الأولى بدلاً من إصدار أمر عفو منقوص، أن يصدر قرار بإيقاف العمل بالمرسوم 54، الذي كبّل حرية التعبير بالبلاد، بل وإلغاءه تمامًا، لا أن يتم اعتقال أشخاص من أجل تدوينات عبروا فيها عن آرائهم عبر مواقع التواصل ثم يقع إصدار عفو خاص في حقهم!

ولجميع ما سبق، ترفض “لجنة العدالة” أمر العفو الصادر عن الرئاسة التونسية في 24 يوليو/ تموز 2024، وتطالب بتعديله لكي يشمل كافة محتجزي الرأي، كما تدعو السلطات التونسية لإلغاء المرسوم 54، وإطلاق الحريات وفتح المجال المدني في البلاد قبيل انتخابات الرئاسة.

إشترك في النشرة البريدية

لا تضيع أي أخبار هامة, إشترك في خدمة النشرة البريدية